حلوة المبسم [[مــ ــشـــــرفــة]]
عدد المساهمات : 1025 نقاط : 13297 أًٍُلًٍتقًٍييمًٍ : 113 تاريخ التسجيل : 25/06/2012
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــ
| موضوع: فرحة العيد .... السبت أغسطس 18, 2012 8:36 pm | |
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
اولا احب اقول لكل الإخوة و الأخوات .. كل عام وانتم بخير و عساكم من عوايده ..[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
عيد الفطر المبارك :
العيد.. زهرة الحياة وعطرها الذي لا تخطئه الذاكرة، فرحة الصغار وهم يلاقون الشمس بأفكارهم الجميلة عن أنفسهم والكون! والعيد كلمات تترك أثرها فينا قبل أن نكتشف حقيقة الأيام التي تهبنا التعب فنقاومه بالحلم؛ لتصير فضاء جميلا يحمل الحب، وحكايات عن الفرح المزيّن بالضحكات..
العيد ظل بارد للأيام الحارقة! ومفردات العتق لكف أرهقها قيد الأيام المتشابهة.. العيد وهج الروح، ومصابيح التعب حين تشتعل بتباشير الراحة والجزاء، تتوق روحي للمكافأة، ورغبة خفيّة بالإحساس بالرضا عن الذات!
العيد طفولتنا صغارا! وذاكرتنا الجميلة حين تحملنا السنون على بساط الأيام المرهقة وتلقي بنا صوب شيخوخة، بقدر ما نهرب منها بقدر ما تقترب من جلودنا.
العيد إلحاح النفس للملمة الأحباء، رغبة الجسد في التنفس بعمق، وارتشاف الصدق عبر الشعور بالرضا، والرغبة بالجزاء.
وقد ارتبط العيد منذ القدم بالفكر الديني لدى الشعوب، بل إنه أحد صوره التي تعكس مضمونه وروح تعاليمه، فالعيد هبة الإله المعبود للعابدين، تحمل طعم المكافأة وتباشير الفرح، ليقتطع الناس من الزمن وقتًا ينظرون فيه إلى الحياة بعينين مفتوحتين وقلب متعطش لخفقات بلا هموم، معلنين فيه انقيادهم لذلك الإله عبر شعائر وطقوس خاصة تمنح العيد وأتباع الدين خصوصيتهم، وظلّهم على البقعة التي يشغلونها من هذه الأرض المحكومة بقوة الذاكرة!
ففكرة العيد وليدة فكرة الدين، وهي انعكاس انقياد الرعيّة، ومظاهر رضا الرب! وهي مساحة للفرح تطالب بها الروح التوّاقة، ويحِنّ لها الجسد المرهق! فالعيد انسجام متطلبات الإنسان الروحية ورغبته الأصيلة في التوصل إلى حالة من الرضا يستمدها من قوة خفيّة عُبّر عنها بالإله تسيّر حياته وتمنحها تفاصيلها اليومية! والعيد زمن يحمل ملامح المكافأة التي تمكّن الإنسان من الاستمرار داخل بوتقة الحياة التي من شأنها أن تصهره والآخرين لتختلط معهم ملامحه، فيصبحون كائنا واحدا يدين للإله بالربوبية.
فالفرس مثلا أرادوا أن يلوّنوا حياتهم ببهجة الطبيعة، وهي تمنحهم كساءها الأخضر لتلوّن عيونهم وأرواحهم بالهدوء والجمال، وتزرع نفوسهم بالتفاؤل فكان عيد الربيع! إنه ارتباط الإنسان بعناصر الحياة، ومحاولته الانسجام معها.
وكذلك الفراعنة والرومان والإغريق… كل هذه الحضارات تركت مساحة كبيرة للفرح عبر أعياد حملت أسماء الآلهة وعمق أساطيرهم للناس، وانسجمت طقوسها مع ثقافتهم الدينيّة آنذاك.
وحتى أصحاب المذاهب الفكرية جعلوا لأنفسهم أيامًا هي أشبه بالأعياد، يصنعون لأنفسهم من خلالها طقوسًا للفرح والولاء.
ولكن هذه الطقوس من صنع البشر، تظل قاصرة مهما أظهرت من مثابرة، ويطويها التقهقر مهما أبدت من جلد، فالله سبحانه وتعالى ( خالق الكون والانسان ) وهو وحده القادر على إيجاد المعادلة المثلى التي تحقق التوازن بينهما، فينتجان معا عمارة الكون وكيان الإنسان الروحي والمادي.
فالعيد حاجة إنسانية، ووسيلة لجمع الناس ضمن سلوك فكري واجتماعي محدد، حملته الأديان السماوية بروح حرّة، وفرح مستمد من حقيقة الخضوع لله، ورحمة البشر ببعضهم! والأعياد في الأديان السماوية مرتبطة بالحدث والفكرة الدينية، فالفرح ملتصق بالطاعة والرحمة، والراحة صورة أخرى للعبادة، إنها فكرة تجمع الأمة، وسلوك يظهرها بملامح واحدة، فحاجة الإنسان لزمن يحمل عبرة متكررة، وفرحة تحمل عبيرها للناس عبر السنين يجعل من العيد ضرورة ومطلبًا إنسانيًّا لا غنى عنه. قال تعالى: " قال عيسى ابن مريم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين " (114 المائدة).
وقد جعل الله للمسلمين عيد الفطر وعيد الأضحى، وأنعم عليهم بيوم الجمعة من كل أسبوع، فالعيد في الإسلام سلوك ديني ومادي واجتماعي، وفكرة عميقة تحمل العبرة وعطر التاريخ!
العيد في الإسلام فرح ومكافأة للذين أطاعوا الله في أنفسهم، صلاة تجمع المسلمين من كل مكان وتحفّهم بالتكبير، العيد صلة للأرحام، وباب مشرع للتقرّب إلى الله!. .
العيدية :
يحلم الفقراء، يهزهم الجوع ويرهق المخيّلة، لكنهم يحلمون! من جوعهم يحلمون، وعلى أبواب الصمت تحلّق أمنياتهم الصغيرة، وتمضي صوب عالم من صنعهم، إرادته بأيديهم وخيره قرب الأنفاس.. يحلم الفقراء! والعيد بالنسبة إليهم حلم آخر، وزمن آخر لإغماض العينين وإيقاف الذاكرة!
فأية ضحكة ستنشقّ عنها أفواه الجياع، والعيد يحمل إليهم توبة الأغنياء وحبهم لله صدقات طيبة الخطوات؟! وأي فرح سيسكن برد دورهم المفتوحة للخواء ليزرعه بالدفء؟!.
إنها ضحكة الربيع والفرح بالدفء والارتواء! فرح الأخوّة حين ترتسم على الأيدي الممتدة بالحب زارعة بذار التكافل والتراحم!.
العيد رحمة ومودة وفرح! صلة وخير وعتق من قيود النفس الشحيحة! والعيد سعادة الغني بالبذل والعطاء، وفرح الفقير بسد الحاجة وتحقق الأمنيات الصغيرة، ليقلّ عدد الجائعين والمتخمين!.
ما زالت ( العيدية ) تحفر فرحها في مخيلتنا، حين نبحر بلا أشرعة في طفولتنا، ما زالت حقائبنا طريّة الحواشي، ما زالت دافئة بالحلوى والأمنيات .. نجمع العيدية، نقارن أنفسنا بالآخرين، ونحلم بصوت مسموع! وكأن العيد للفقراء.. وللصغار!.
فلماذا نشوّه ملامح العيد الجميلة؟! لماذا نحمّله فشلنا في التعامل مع الحياة، وفهمنا الخاطئ للأشياء، لتنقلب الأمور، ويتبادل الناس الأدوار دون مبرر أو فائدة؟
لماذا نحبس أنفسنا داخل قضبان العادات ونترك اتساع الرحمة والفرح؟! لنفقد جوهر العيد، وروحه المحلّقة بمضمونها السامي! وبدل أن تزرع العيدية الفرح في نفس الفقير تغرس في صمته المرتعش الحيرة والترقب، فها هو الهم يكسو وجهه كلما اقترب العيد، جاعلا من ضحكات الانتظار على وجوه صغاره مبررا للانتقام، وطريقة للتنفيس من الغيظ المكتوم، بل ويعمد إلى حرمانهم من الملابس الجديدة والعيدية، وذلك ليقدمها لرحم أو لذوي قربى، ليستر فقره، ويتظاهر بالاقتدار، تخلّصا من همس الناس وعتابهم.
وفي بعض الحالات يستدين الفقير ليقوم بواجبه تجاه الرحم وذوي القربى، بل إن بعضهم يسرق الفرحة من أيدي أبنائه حين يجمع منهم العيدية التي يحصلون عليها من الآخرين، وذلك لتقديمها لأخت أو قريبة ميسورة، قد لا تشكّل لها نقوده شيئا، وقد تلقي بها لأحد أبنائها لينفقها في العيد، تاركة ملامح الحسرة والعوز على وجوه أبناء الفقير المكابر!.
فالعيدية رغم أنها تعوّدت أن تحمل فرح العيد وتتجول به على الأيدي الصغيرة والمنتظرة فإنها تكون في كثير من الأحيان نقودا متحركة في دورة تفتقر إلى العدالة، يقدم فيها الفقير للغني، ويحرم فيها الفقير من أدوات الحلم الجميل!.
وفي العيد يجاور الحزن الفرح، يرافقه في المخيلة وصحوة الذاكرة، ليحمل وجوه أناس أحببناهم وشاركونا فرح الأعياد ورحلوا، عادت الأعياد ولم يعودوا! وتركونا لحزن فقدهم والشوق!.
من حقنا أن نشعر بالحزن، ومن حقهم أن نذكرهم، فينسكب من أفواهنا الدعاء! أما زيارة القبور فمغالاة في الحزن، وإطفاء لشعلة الفرح في نفوس الناس، ودمع في وقت يحنّ للضحكة، ووجوم في وجه هو أحوج للابتسام! ومن المؤلم أن يشارك الصغار في الطقوس لزرع نفوسهم بالكآبة، باسم الوفاء للراحلين، والأطفال أحق بوفائنا لطفولتهم، ولملابسهم التي لم ينتظروا طلوع الشمس ليرتدوها؛ أملا بالبهجة واللعب!.
من حقهم ألا نزرع عيونهم بدموعنا ونحن نهرب من فرحهم لعتمة كآبتنا، فنطفئ بالدمع والعتمة شموعهم المضاءة ببراءتهم والحلم!
العيد فرح وبهجة وحلوى! وصغار لا يتسع الكون لصدى ضحكاتهم، والعيد صلاة وتكبير وصدقات! وهو أيام لزرع الفرح وحب الله لا للانفلات من كثير من سلوكيات الدين وآدابه بحجة الفرح، مصطنعين مرونة زائفة تفسد العيد، وحلاوة العبادة في رمضان الذي طبع على جباه الناس قبلة شوال ورحل!. وفي العيد يبقى الأمل بعد الدعاء أن يفك الله أسر المعتقلين قريبًا.
تحياتي
| |
|